بسم الله الرحمن الرحيم
التلاعـب بالنوايـا والألفــاظ ؟.؟؟؟؟
قسمة المناصفـة
وقسمة المناقصـة
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
يقال أن أحدهم كان يتجول في مساحة شاسعة تحت السماء .. في أرض الله الواسعة .. وكان يملك ألف رأس من الغنم .. وآخر في أرض أخرى بعيدة يملك فقط ثلاثمائة رأس من الغنم .. ودارت الأيام ليلتقيا مصادفةَ لأول مرة َعند مورد مياه .. ودون أن يكون هناك آخرون كشهود عيان .. فاختلطت الأغنام وتداخلت في أرباك شديد .. وكل طرف يجتهد في فصل الأغنام عن بعضها .. فوجد إبليس الفرصة متاحة وأدرك أن الوقت مناسب في إشعال فتنة بين البشر .. فنظر في النوايا فوجد أحدهم يتقي الله ويخاف .. والآخر هو ذاك الذي يقبل أن يكون من أصحابه .. ثم نظر في عيوب الأنفس فوجد الطمع حاضراَ في قلب أحدهم يميل حسب الأهواء .. والآخر قلبه يخش الله ويخاف الفتنة .. فوسوس لصاحب القلة من الأغنام أن يزداد من غنم الآخر .. فأخذ ذلك يجمع بنهم وخيانة ويدعي الملكية لنصف المجموع الكلي .. وحدث النزاع والشجار بينهما .. والكل يصر على موقفه .. حتى قدمت قافلة وفيها أهل الخير والصلاح .. الذين أرادوا أن يصلحوا بين الرجلين .. فقيل لصاحب الأكثرية من الأغنام ما هي حجتك ؟؟ .. فقال أنا أملك من الغنم ألف رأس وأطلب ( المناصفة ) .. وقيل للأخر ما هي حجتك ؟؟ فقال أنا أملك نصف العدد من كمية الغنم المتوفرة وأطلب ( المناصفة ) . أحدهم يطلب ( قسمة مناصفة ) وآخر يطلب ( قسمة مناصفة ) .. ألفاظ توحدت ولكن النوايا تباعدت .. وكان من ضمن الأجاود رجل يعرف أسرار اللغة .. ويدرك خطورة النوايا .. فالأول نيته صادقة .. وكلمة ( المناصفة ) لديه مشتقة من المصدر ( الإنصاف ) .. وأدرك أن الثاني نيته غير سليمة وأن كلمة ( المناصفة ) لديه مشتقة من المصدر ( النصـف ) .. فالأول يريد تسوية حق غير طامع في حق الآخر .. والثاني يريد تسوية تكسبه حقاَ غير حقه .. وتظهر عدالة بغير عدالة .. وهي فرية ( القسمة بالتساوي ) حيث الكل يأخذ نصيباَ بنفس القدر .. مما يظهر حالة من العدالة المفبركة .. والعدالة لا تكون كذلك .. وكثيراَ ما يقع الناس في مثل تلك التسويات الظالمة .. حيث يجتهدون في إرساء حالة من المساواة لإرضاء الأطراف المتنازعة .. ويحكمون بظلم طرف يملك حقاَ بالزيادة بحجة المساواة .
....................ومعظم القضايا التي تنادي بها الأقليات في انحناء المعمورة اليوم فيه تلك النبرة التي تجتهد لتكسب قسمة ظالمة .. حيث تريد الأقليات ( قسمة مناصفة ) من المصدر ( النصف ) .. ولا تريد قسمة مناصفة من المصدر ( الإنصاف ) .. والجدل عادة يدور تحت غطاء تلك الفرية المعهودة .. وهي إظهار جانب ضعيف مهضوم الحقوق مغلوب على أمره وجانب مسيطر ظالم لا يرحم .. وهنا نلاحظ أن العواطف تتخذ كسلاح خطير في كسب حقوق فوق المستحق .. ونرى العالم يتعاطف تلقائياَ من واقع ظواهر خادعة مع جانب ماكر .. ويظلم الأكثرية التي تفقد أرضياتها المشروعة بفعل النوايا الغير سوية والماكرة من الأقليات .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــــــــــــ