"يا فتاح يا عليم"
"يا رزاق يا كريم"
اصبحنا و اصبح الملك لله
هكذا يلامسُ أول خيطٍ من خيوط الشمسِ وجهَ الصباح المُورَّد , و المُقبل على يوم جديد بطعم جديد , و طاقة أكبر...
هكذا يبدأ النهار, و النهارُ معاشٌ في مدينتي , كالطيور يسرحُ العامل و الصانع و الاجير في الازقة و الشوارع ليلتقطوا حبهم في سلام...
هكذا هي مدينتي , يَسُرُّكَ فيها عيونُ زوجةٍ تُودع زوجها عند عتبةِ الباب "في امان الله يا ..." و هو يرمُق من عند اخر الشارع شرفةَ البيت لعله يستَرق اخر نظرةٍ تحميه شرَّ الاتي ,
هكذا هي مدينتي ,يبدأُ الصباحُ بقُبَلِ الصباحٍ... صغيرٌ على جبين أمه و جدته
, من جارٍ على يد جاره الطاعن في السنن...
هكذا هي مدينتي , لازالت الشرفاتُ بين البيوت أسرعَ و أَوسعَ من الفايسبوك تبادلُ التحايا و بعضُ الاخبارٍ او حتى وشوشاتٍ عن مقتطفات من ليلةٍ مختلفةٍ و ربّما التفاصيلُ ستأتي عند العصر بنكهة القهوة المعتقة.
هكذا هي مدينتي , تمتماتُ الاطفال المبهمةِ تتعالى لتختلطَ مع اصواتِ الباعةٍ المتجولين "جافيل" و حدودُ كل واحدٍ مرسومةٌ من زمنٍ لا أَحد يجرؤُ على تخطِّيها و الا خَسِر العربةَ بما تحملُ.
هكذا هي مدينتي , بشوارعها الواسعة و ارضياتها الناعمة لا متسولسن و لا كلابَ ضالّة , لا طوابيرَ و لا الفاظ َ تخدشُ الحياءَ , كل شيء يمشي في خطوط مستقيمة متوازية, البحر للعشاق و الحديقة للصغار , اينما وليْت وجهكَ قرأْت لافتاتٍ مكتوب عليها "شكرا"
هكذا هي مدينتي , يحل المساء بطرحته الرمادية ثم السوداء ليكشف عن بياضِ قلوبٍ ستتجمعُ على طاولةِ المساء و بدون تدفئة اصطناعية , الكل حرارتُه مظبوطة و احاديثُ تثلج الصدرَ , ليُخلّد العمرُ مرورَ ليلةٍ تزيد في طوله ...
و لازالت اهل مدينتي يشتاقون الى أََفرشتِهم...و للصغارٍ نصيبٌ من أُحجياتٍ تَفوحٌ منها رائحةُ الخيالِ و الزيادة و النقصان , و للكبار نصيبٌ من كلامٍ معسولٍ مبالغٍ فيه , يذوب نصفُه عند طلوع اليوم الثاني.
لا تصدقوا ...هكذا كنت اتمنى ان تكون مدينتي