العاجـة .. هي دُميه صغيره وبسيطه كانت الأمهات تصنعها قديماً لتلعب بها الفتيات .. وهي مصنوعه من مواد بسيطه ومتوفره في ذاك الوقت
من أعوادٌ وقماش وخيوط ..
__________________________
_________
قلتُ لها إحكي لي حكايتكَ يا عمه ....
إبتسمت وعَدلت جِلستها , رفعت يَدها اليُمنى وبحركةٍ من شاهدها وإبهامِها أنزلت إطارَ نظارتها قليلاً .. ورفعتهُ ..
كنتُ أنا وعَمتكَ ( العوفاء ) نَلعبُ خلفَ البيت .. هي تَعجنُ التُراب وأنا أصنعُ (العاجه) فقد كنتُ بارعةً في صنعها
رغم حداثة سني .. الذي قالوا لي أنهُ لم يتعدى الــ13 عاماً حينها ..
كنتُ هزيلةَ الجسد بعكسِ إسمي تماماً ( عبله )...
تبسمتُ .. وتبسمت عمتي ‘بتسامةً تشعُ ألواناً براقه بعكسِ زمانها الذي تتحدثُ عنهُ ..
فقلتُ بشغف أكملي يا عمه :
جاءت أمي _ جدتك_ مُتكحلةً بالدمع , وقد بالغت في إكتحالِها حتى أن بعضهُ كاد أن يسيل على خَدها..
قالت: تعالي يا (عَوفاء ) نريد أن نزوجكِ _ وكانت تَكبرني سناً وحالاً ..
قالت العوفاء .. لا أريد .. لا أريد الزواج ..
خُذي عبله فهي تعرفُ صنعَ العاجـه وتعرفُ أيضاً عَجنَ الطين ...
قالت أمي : تعالي إذاً يا (عبلـه) ..(خالـد) يريد الزواج من إحداكُن .. إماالعوفاء أو أنتِ ..
حَملتُ (عاجتي) بيدي اليُسرى وحملتني أمي من يدي اليُمنى ..
وهي تُتمتم ... لَعنَ اللهُ الحاجـه ...
نفضت الغبار عن ردائي وأنا نفضتُ عاجتي من يَدي .
نظر إلي (خالد) وقد رأيتُ ذاك الشاب اليافع في أوائل العشرينيات من عُمره . فهز رأسهُ أن نعم , وهززتُ رأسي
أن ماذا يجري ؟؟
قطع صوتُ المؤذن حديثَ عمتي .. اللهُ أكبر اللهُ أكبر ...
قالت .. أصلي وأكمل لكَ القصه....
قلت : بل أكمليها أولاً ومن ثم إذهبي للصلاه .
فتبسمت وقالت : أبا عبدالله _ خالد_ عَلمني أن لا أأخر صلاه وأصليها على وقتها .. سأعود
تقبل الله يا عمه ..
منا ومنكم صالح الأعمال إن شاء الله ..
قالت :هل صليتَ يا ( كارم )؟؟
قلت لها وأنا أكذب نعم .. تبسمت وقالت .. فعلتها قبلك ...
المهم يا كارم ...تم الزواج وذهبتُ مع من قالوا أنهُ زوجي وتركتُ عاجتي للعوفاء
فوجدتُ نفسي عاجةً في يدهِ يا كارم ..
قلت : لم أفهم يا عمه ...
قالت: إن أبا عبدالله لم يكن زوجاً فقط بل كانَ أماً أخرى لي وأكثر من هذا ..
إقتربتُ أكثر من عمتي ... وقلت كيف هذا ..
أتعرف يا كارم أن الأمومةَ ليست حِكراً على الأنثى ولا على من تَلد ..
الأمومةُ يا كارم ليست شعوراً بين أمٍ وولدها .. بل هي المشاعرُ كلها ..
تكونُ غريزيةً فينا , وما يحفزها على النمو هو الحب ..
فمن كان في قلبهِ حب فمن السهلِ عليه أن يشعرَ بالأمومه إن كانَ رجلاً أم أنثى ..
لقد تشربتُ المحبةَ يا كارم من نبعٍ صافٍ مع أن أبا عبدالله كان رجلاً قوياً وصارماً إلا أن بين
أضلعهِ حنانُ الدنيا بأسرها..
عندما أخذني إلى بيتهِ رباني ورعاني وكنتُ أنامُ في أحضانهِ الدافئه طوالَ تلك السنين ..
فخجلتُ من كلام عمتي ...
فقالت : أرى أن وجهكَ يزدادُ حُمرةً وسأزيدهُ لكَ أكثر ..
سأخبركَ بسر ..
(خالد ) لم يَدخل بي كعروس إلا بعد سنتين تقريباً من زواجنا حتى نضجتُ وأصبحتُ مُهيئةً للحمل
.. ومن بعدها رُزقتُ بـ عبدالله ..
كنتُ أتمنى أن ارى أبا عبدالله نائماً .. فطوال تلك السنين لم أرى وجههُ وهو نائم ..
كان ينامُ بعدي , ويستيقظُ قبلي .. كان يسهر لأنام كان يتعب لأرتاح , حينَ أحزن يُسرّيّ عني هَمي ..
عَلمني الصلاه , وقرأة القرآن وحججني لبيت الله
حتى أنهُ علمني كيفَ أربي (العاجه) أقصد .. أبنائي هههه
أترى يا كارم كل حنان أبنائي وبرهم بنا ...
كلُ هذا بفضلٍ من الله وبغرسٍ من أبا عبدالله .. زرعَ بداخلي بُستاناً وأطعمتُ منهُ أبنائي ومن حولي
عندما تتزوج يا كارم .. حاول أن تكونَ أماًً ... لتكونَ أمةً
كُن أماً كُبرى لأبناءك ولزوجتكَ أيضاً .. لتُكّملَ ما قد تَسهو عنهُ زوجتك في حق أبناءك
وتُكمل ما قد سَهى عنهُ والدا زوجتكَ بحقها ... عندها سيبروكَ جميعهم ويصلحُ حالُ
المجتمعِ كاملاً ..
وتصبحُ عائلتكَ أمةً بحق ..
ياااه يا عمه .. كلُ هذا الحب ...
هل تُعلميني يا عمه صُنع العاجـه .... ؟؟
ضحكت وقالت : عَمتكَ العوفاء تقول لي دائماً يا ليتني كنتُ صاحبة العاجه ...